الترجمة ليست مجرد وظيفة بل هي فن، فن اختيار الكلمات المناسبة لتتناسب مع النص الأصلي لتصل بنصك المترجم إلى نفس المعنى الموجود في النص الأصلي من دون تحريف أو سوء فهم. ولتتمكن من معرفة كيف تصبح مترجمًا محترفًا عليك التعرف أولاً على الترجمة وغايتها والمقومات التي ستجعل منك مترجم ناجح وما إذا كنت تمتلكها بالفعل أم لا.
لتكون مترجم مميز وناجح في عملك، عليك التعرف على بعض النقاط الهامة والتي ستجعلك تُدرك مدارس الترجمة المختلفة، حيث أن هذه المهنة على الرغم من اعتقاد البعض بأنها بسيطة إلا أنها بحر كبير وبه الكثير من المناهج والمذاهب. فما رأيك في أن نتعرف على كل هذه التفاصيل البسيطة التي تخص مهنة الترجمة وكيفية اتقانها لتكون مترجم محترف في السطور القليلة القادمة؟
جدول المحتويات
انواع الترجمة
الترجمة هي علم كبير، ولتتمكن من أن تغوص فيه وتحترفه عليك أولاً التفرقة بين أنواع الترجمة المختلفة حيث يوجد الكثير من أنواع للترجمة وكلاً منهم له العاملين به ومتبعيه. وعادة لا يستطيع المترجم في أي نوع من أنواع الترجمة أن يعمل في الترجمة من النوع الآخر، حيث سيحتاج إلى اكتساب بعض المهارات التي تحتاجها كل نوع من أنواع الترجمة. وتنقسم الترجمة إلى نوعين:
الترجمة الكتابية
الترجمة الكتابية والتي تُعتبر الأكثر انتشارًا، وهي عبارة عن ترجمة نص مكتوب إلى نص مكتوب آخر. وتتنوع أنواع الترجمة بداخل الترجمة الكتابية بين نوعين آخرين وهما:
الترجمة المهنية
الترجمة المهنية هي الترجمة التي تضم مختلف أنواع الترجمات والنصوص مثل الترجمة القانونية حينما يتطلب منك الأمر ترجمة وثيقة قانون على سبيل المثال، أو ترجمة تجارية والتي تحتاجها في ترجمة الكتيبات الخاصة بالمنتجات أو الحملات الدعائية أو الترجمة الطبية التي تقوم بترجمة الأبحاث الطبية والعلمية، وغيرها من أنواع الترجمة التي تقوم في الأساس على خدمة المجتمع سواء خدمة سوق العمل بتوفير المواد التجارية اللازمة باللغة العربية أو باللغة المطلوبة أو من أجل خدمة المجتمع وإضافة أبحاث وتقارير علمية تساعد على تطور المجتمع بصفة عامة.
-
الترجمة الأدبية
أما النوع الثاني من الترجمة وهو الترجمة الأدبية، هذا النوع من الترجمة يحتاج إلى بعض المقومات وهو يهدف إلى ترجمة الأعمال الفنية والأدبية من خلال نقل الرسائل الفنية الموجودة بهذا العمل الأدبي.
وهذا ما يجعل أصحاب الترجمات الأدبية من الأشخاص القليلين للغاية، حيث أنهم بحاجة إلى امتلاك الحس الفني والقدرة على قراءة الرسائل الخفية في كل عمل أدبي ليتمكنوا من إيصاله للجمهور. والترجمة الأدبية لا تتم بنفس الطريقة التي تتم بها الترجمة المهنية. وهذا ما سنتعرف عليه بعد قليل.
اقرأ المزيد: كيفية تأسيس شركة ترجمة
الترجمة الفورية
الترجمة الفورية على الرغم من صعوبة هذه الترجمة إلا أنها من أكثر مهن الترجمة التي ستحصد من خلالها الكثير من الأموال. فالترجمة الفورية هي الترجمة التي تتم للحوارات الدائرة بالفعل بين أفراد يتحدثون بلغات مختلفة، كما هو الحال عندما تشاهد مؤتمرات دولية بين دول مختلفة وتجد بأن هناك دائمًا مترجم يقوم بالترجمة للجميع حتى يستطيع الجميع فهم ما يقوله الأطراف الأخرى.
الترجمة الفورية من المجالات التي لا يتم طلبها بشكل كبير، حيث تقتصر في بعض الأحيان على أساتذة الجامعات نظرًا لبراعتهم في اللغة بشكل كبير للغاية. ولكن هذا لا يعني بأنها وظيفة حصرية على أساتذة الجامعات بل فيمكنك أن تصبح مترجمًا محترفًا في الترجمة الفورية بكل سهولة، ولكن عليك دراستها بشكل كبير حيث تقوم الترجمة الفورية على بعض الاستراتيجيات والأساليب المختلفة حيث يتمكن المترجم من ترجمة كل ما يقوله الشخص المُتكلم من دون إحداث أي سوء فهم أو تخطي نقاط هامة في الحديث بسبب سرعة المُتحدث.
منهج الترجمة
من الجانب الآخر هناك مناهج أيضًا للترجمة والتي تُعتبر مدارس لكل مترجم وتختلف من مترجم لآخر، وكلاً منهم يُعد سليم ويمكن إتباعه من هذه المناهج:
- الترجمة الحرفية: وهي الترجمة التي تقوم بترجمة كلمات النص الأصلي كما هو من دون إضافة أي شيء أو تغيير في صياغة الكلام بطريقة أو بأخرى.
- ترجمة المعنى: أما هذا المنهج من مناهج الترجمة والتي تعتمد على تغيير صياغة الجملة لتتمكن من إيصال الفكرة الموجودة في الجملة بشكل سليم.
الحرب مستمرة بين المنهجين، فكل فريق يرى بأنه على حق وأن ترجمته هي الأصح والترجمة الأخرى ما هي إلا إفساد لقواعد الترجمة. فمحبي الترجمة الحرفية يرون أن من الصدق والأمانة هو الحفاظ على النص الأصلي الخاص بكاتبه وأن الترجمة هي مجرد نقل النص كما هو من دون وضع أي لمسة من المترجم.
بينما الفريق الآخر، يرى بأن أساس الترجمة هو نقل المعنى في كل جملة، وأن صياغة الجمل تختلف من لغة لأخري، مما يجعلهم يفضلون القيام بتغيير صياغة الجمل بهدف واحد وهو تحقيق الهدف من الترجمة وهو ترجمة المعنى، مع ضرورة وضع لمسة المترجم الخاصة في الترجمة. فالنص المترجم هو ملكه هو الآن، عليه الالتزام بالمعنى ولكن لا يجب أن يتمسك بكل الكلمات كما هي.
وعادة ما نرى الفرق بين المناهج في الترجمة المهنية والترجمة الأدبية، فمن الممكن أن تقوم بالترجمة المهنية مُتبعًا للترجمة الحرفية أو ترجمة المعنى، ولكن لن تتمكن أبدًا من ترجمة الأدبية من خلال إتباع مبدأ الترجمة الحرفية، لأنك في الترجمة الأدبية يجب أن تضع لمستك الفنية لتتمكن من تحقيق المعادلة في ترجمة النص وإيصال الأفكار الخفية في الأعمال الأدبية، مما يجعلك أمام حتمية القيام بإتباع ترجمة المعنى والبعد كل البعد عن الترجمة الحرفية.
اقرأ المزيد: أنواع الترجمة التي تحتاجها اعمالك
مقومات المترجم المحترف
ولتكون مترجم محترف عليك إتقان بعض المهارات، وأن تمتلك بعض المقومات حتى يتثنى لك أن تصبح مترجمًا محترفًا وناجحًا. ومن هذه المقومات:
-
إتقان الكتابة
كما ذكرنا بأن الترجمة الكتابية هي الأكثر انتشارًا، وأنت بدورك لتتمكن من أن تكون مترجم يجب أن تكون لديك إلمام بالكتابة وقواعدها وإتقانها، من حيث معرفة أساسيات الكتابة واستخدام علامات الترقيم ومعرفة أهمية تجنب الأخطاء النحوية والإملائية عند ترجمتك لأي نص.
ومن الجانب الآخر، إتقان الكتابة في معرفة صياغة الجمل المختلفة بشكل سليم لتكون الجمل في النهاية متجانسة ومترابطة ببعضها البعض، حتى لا يشعر القارئ بعدم الفهم.
ولتتمكن من تنمية مهاراتك في الكتابة، عليك أن تقوم بكثرة القراءة لمختلف أنواع الكتابات بلغتك حتى ترى أشكال الصياغات المختلفة، وكثرة الاستماع حتى يتشكل لديك قاعدة لغوية كبيرة.
-
إتقان لغتك الأم
الترجمة في الأساس هي ترجمة نص من لغة إلى لغة أخرى، وعادة ما تكون لغتك الأم هي طرف من الأطراف سواء اللغة المترجم منها أو اللغة المترجم إليها. لذلك، فإنه قبل أن تقوم بالإلمام باللغة الأجنبية عليك الإلمام وإتقان لغتك الأم. وخاصة إذا كنت من متحدثين اللغة العربية، فإن اللغة العربية من اللغات التي تُعد بحر كبير على عكس اللغات الأخرى.
لهذا السبب، عليك القيام بمعرفة وتعلم كل القواعد النحوية بشكل سليم حتى لا تقع في فخ الأخطاء الإملائية التي قد تهدد عملك بشكل كبير للغاية كمترجم. وفي حال وجود أي شك في معنى أي كلمة أو طريقة الكتابة، لا تتردد في البحث في المعاجم أو على الانترنت وستجد إجابة لسؤالك من دون شك.
-
إتقان اللغة الأجنبية
وكما ذكرنا بإنه يجب عليك الإلمام بلغتك الأم، فلا شك من إن إتقان اللغة الأجنبية من الأمور اللازمة للغاية والتي لا غني عنها أبدًا، فهل لك أنت تتخيل مترجم، لا يعلم قواعد اللغة التي يترجم منها أو إليها. لذلك إن اللغة الأجنبية يجب أن تُتقنها بدرجة كبيرة للغاية، درجة تجعلك على أهبة الاستعداد لترجمة أي نص من دون التعرض لأي عقبات.
ولتتمكن من إتقان اللغة الأجنبية، عليك كثرة القراءة والاستماع إلى البرامج والكتب الصادرة بهذه اللغة وعدم التوقف أبدًا عن معرفة كل معاني الكلمات التي ليس لديك معرفة بمعانيهم، فهذه الطريقة هي أساس بناء قاعدة لغوية متينة لك.
-
الإلمام بالثقافة
من الأمور الضرورية والتي يغفلها الكثير من المترجمين هو الإلمام بالثقافة، حيث أن معرفة الثقافة الخاصة بكل بلد ودولة ستساعدك من دون شك على التقرب أكثر إلى الشعب المترجم إليه أي نص. كما أن الثقافة يكون لها عامل كبير للغاية في الكثير من النصوص، وإن ترجمة هذا النص يتطلب منك معرفة هذه الثقافة حتى تتمكن من فهم السبب.
إذا أنت أمام الحاجة الماسة إلي دراسة الثقافة الخاصة بالدولة المترجم منها، وذلك من خلال قراءة الروايات الأدبية الخاصة بهم ومعرفة تاريخهم وثقافة الشعب نفسه.
اقرأ المزيد: كيف توظف مترجم محترف لأعمالك
-
معرفة قواعد البحث
المترجم المحترف هو باحث محترف في طبيعة الأمر، فلن تتمكن من أن تترجم أي نص من دون البحث حتى تتعرف على المصطلحات المستخدمة في هذا المجال، وتعرف تداعيات الأمور في كل نص لتكون ترجمتك قائمة على أساس فهم الموضوع من بدايته وحتى نهايته بشكل سليم، شكل يسمح لك ترجمة النص باحترافية.
كيفية البدء في تعلم الترجمة
للعمل في مجال الترجمة، عليك أن تمتلك المقومات السابقة فهي الأساس في الترجمة، وهي القواعد الرئيسية للترجمة التي ستساعدك على احتراف هذه المهنة. والطريق لاكتساب كل هذه المقومات هو القراءة الكثيرة في كل الموضوعات المختلفة لتكتسب معلومات عامة كبيرة للغاية، بلغتك الأم وباللغة الأجنبية. وبالإضافة إلى القراءة، فالاستماع يعزز من مهاراتك اللغوية بشكل كبير للغاية.
كما أن الاستمرار في التعلم ستكسبك الكثير من المهارات اللغوية بشكل مستمر، وستتمكن من التطوير من نفسك بشكل كبير، لذلك لا تتوقف أبدًا عن البحث والقراءة ومعرفة المصطلحات الخاصة باللغات التي تُتقنها.
من ناحية أخرى، هناك بعض المهارات التي يجب أن تنميها بشكل كبير لديك حتى تكون مترجمًا محترفًا، ومن هذه المهارات:
- مهارات البحث عن المعاني في المعاجم.
- كثرة القراءة.
- الصبر، فترجمة أي نص يحتاج إلى وقت طويل للغاية.
- الأمانة في نقل النصوص من دون إحداث أي تحريف به.
- تعلم استخدام الحاسب الآلي وسرعة الكتابة على برامج الحاسب الآلي.
- التسويق لنفسك ولعملك حتى تتمكن من اكتساب مشاريع ترجمة جديدة تساعدك على التطوير من ذاتك يومًا بعد يوم.
- احترام المواعيد في تسليم العمل المطلوب منك في الوقت المحدد من دون التأخير.
- الاستماع دائمًا إلى النقد، فهو ما سيساعدك على معرفة أخطائك وتفادي تكرارها.
- تنظيم العمل حتى تتمكن من تحديد الأولويات.
- تنمية شبكة العلاقات.
الاسئلة الشائعة
وللإجابة عن السؤال الخاص بمقالتنا اليوم وهو كيف تصبح مترجمًا محترفًا، يجب علينا القيام بالإجابة على بعض الأسئلة الشائعة التي التقينا بها خلال قيامنا برصد كل مقومات المترجم الناجح، ومن هذه الأسئلة:
-
هل يمكن أن تصبح مترجم دون شهادة جامعية؟
نعم، من الممكن أن تصبح مترجم من دون شهادة جامعية، ولكن الأهم هو الإلمام بقواعد الترجمة السليمة حتى تتمكن من أن تكون مترجم ناجح. إلا أن الشهادة الجامعية من الأمور التي ستعزز مكانتك كمترجم، ولكن يمكن الاستغناء عنها وإبدالها والاعتماد على الدورات التدريبية أو الكورسات الخاصة بالترجمة.
-
هل عمل المترجم مربح؟
تختلف ربحية المترجم من شخص إلى آخر، فالأمر يعود إليك أنت، في حال قيامك بالتسويق لنفسك بشكل مُكثف سيكون مُربح من دون شك، حيث أنك ستقوم بالحصول على مشروعات مختلفة وبالتالي تقوم بزيادة دخلك.
أما في حال أنك لم تقم بدورك التسويقي فلن تحصل على مشاريع وبالتالي لن تحصل على ربح. وعادة ما يتم محاسبة المترجم بالكلمة، مما يدل على الربح الكبير في حال القيام بترجمة كميات كبيرة.
في النهاية، لتكون مترجمًا محترفًا أنت بحاجة إلي أن تغوص في بحر الترجمة وتتعلم قواعدها وتتقنها لتتمكن من أن تحقق النجاح. وأيًا كان منهجك في الترجمة، فقد حان الوقت لتتصالح مع المنهج الآخر، فكل مناهج الترجمة سليمة وكلاهما يقوم بدوره بشكل سليم ما دمت لم تقم بالتحريف أو الإخلال بالمعنى.
وتذكر دائمًا أنك بصفتك مترجم، فأنت من تنقل الحضارات والثقافات المختلفة، ومن الممكن أن تكون ترجمتك هي السبب في تطور مجتمع ودول بأكملها، فاهتم بترجمة الأعمال ذات المبادئ القيمة وابتعد عن كل ما يخل بالمجتمع.